الكيتو ومرض السكري: هل هو آمن وفعّال؟

مع الانتشار الواسع لنظام الكيتو الغذائي، ازداد الاهتمام بمدى فعاليته في مواجهة الأمراض المزمنة، وعلى رأسها داء السكري. فهل يُعد الكيتو خيارًا مناسبًا لمرضى السكري؟ وهل نتائجه تدعم فعاليته أم تحمل في طياتها مخاطر خفية؟ في هذا المقال، نلقي نظرة علمية وموضوعية على العلاقة بين الكيتو والسكري، ونفصّل ما إذا كان هذا النظام الغذائي يُمثل فرصة حقيقية أم مخاطرة صحية من وجهة نظري كأفضل اخصائي تغذية دبي.

كيف يعمل الكيتو؟

نظام الكيتو يقوم على تقليل الكربوهيدرات بشكل حاد (عادة أقل من 50 غرامًا يوميًا)، مع زيادة الدهون كمصدر أساسي للطاقة، إلى جانب كمية معتدلة من البروتين. هذه المعادلة الغذائية تدفع الجسم إلى حالة تُعرف بـ”الكيتوزية”، حيث يبدأ في حرق الدهون لإنتاج الطاقة بدلًا من الجلوكوز.

وهنا تكمن النقطة المفتاحية: مرض السكري يتمحور حول اضطراب في تنظيم سكر الدم، سواء بسبب مقاومة الإنسولين (النوع الثاني) أو نقصه (النوع الأول).

هل الكيتو يساعد في النوع الثاني من السكري؟

تشير العديد من الدراسات الحديثة إلى أن الكيتو قد يكون فعالًا في:

  • خفض مستويات السكر في الدم.
  • تقليل مقاومة الإنسولين.
  • تحسين مؤشرات الدهون الثلاثية والكوليسترول.
  • تقليل الوزن، وهو عامل مهم في ضبط السكري.

مثال علمي:
دراسة نشرتها مجلة Diabetes Therapy عام 2018 أظهرت أن 60% من المشاركين المصابين بالنوع الثاني تمكنوا من تقليل أو إيقاف أدوية السكري بعد اتباعهم الكيتو لمدة عام، تحت إشراف طبي.

لماذا ينجح؟
تقليل الكربوهيدرات يُقلل من الحاجة لإفراز الإنسولين، ويخفف الضغط على البنكرياس، كما يمنع ارتفاعات السكر الحادة بعد الوجبات.

ماذا عن النوع الأول من السكري؟

الوضع هنا أكثر تعقيدًا. في النوع الأول، لا يُنتج الجسم إنسولينًا على الإطلاق، لذا يحتاج المريض إلى حقنه باستمرار. بعض الأبحاث الصغيرة والدراسات السريرية رصدت تحسنًا في استقرار سكر الدم عند اتباع كيتو معتدل، لكن:

  • هناك خطر كبير من الإصابة بـ”الحماض الكيتوني، وهي حالة خطيرة تحدث عند تراكم الأجسام الكيتونية في الدم لمستويات سامة.
  • انخفاض السكر الحاد (Hypoglycemia) قد يحدث إذا لم يُضبط الإنسولين بدقة.

الخلاصة: لا يُنصح بالكيتو لمرضى النوع الأول إلا تحت رقابة طبية صارمة ومستمرة.

هل الكيتو آمن على المدى الطويل لمرضى السكري؟

رغم أن النتائج الأولية واعدة، إلا أن:

  • بعض الأطباء يحذرون من اتباع الكيتو لفترات طويلة بسبب نقص المغذيات.
  • الالتزام الشديد بهذا النظام قد يكون صعبًا نفسيًا واجتماعيًا.
  • هناك حاجة للمزيد من الدراسات طويلة المدى لقياس تأثير الكيتو على الكلى، القلب، والصحة العامة لمرضى السكري.

نظرة متوازنة: متى يُعتبر الكيتو مناسبًا؟

قد يكون مناسبًا في الحالات التالية:

  • مرضى النوع الثاني الذين يعانون من مقاومة الإنسولين.
  • من لديهم وزن زائد أو سمنة مفرطة.
  • الأشخاص الذين لا يستجيبون جيدًا للأنظمة الغذائية التقليدية.

وقد يكون غير مناسب إذا:

  • كنتَ مصابًا بالنوع الأول دون إشراف طبي.
  • لديك مشاكل في الكلى أو الكبد.
  • تعاني من اضطرابات في الأكل أو نقص حاد في الوزن.

نصائح لمن يرغب في اتباع الكيتو مع السكري:

  1. استشر طبيبك دائمًا قبل البدء، وخصوصًا لضبط جرعات الأدوية.
  2. راقب سكر الدم باستمرار، خاصة في الأسابيع الأولى.
  3. اختر الدهون الصحية مثل زيت الزيتون، المكسرات، والأسماك الدهنية.
  4. تأكد من الحصول على الألياف والمغذيات الأساسية، حتى لا تعاني من نقص غذائي.

نظام الكيتو يمكن أن يكون أداة فعالة لإدارة النوع الثاني من السكري، إذا ما استُخدم بطريقة علمية وتحت إشراف طبي. أما في حالة النوع الأول، فالمخاطر أكبر، ويجب الحذر الشديد. وفي جميع الحالات، لا يُعد الكيتو حلًا سحريًا، بل وسيلة غذائية قد تنجح مع البعض وتفشل مع آخرين.

الطريق إلى صحة مستقرة مع السكري لا يعتمد فقط على النظام الغذائي، بل على نمط حياة متكامل يشمل التغذية، الحركة، والإدارة النفسية والدوائية الدقيقة.

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً